أطلق المرصد الوطني للتنمية البشرية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، اليوم الخميس بالرباط، دراسة حول “الإدماج في العالم القروي: نموذج الفلاحة الصغرى العائلية بالمغرب”.
وخلال ورشة إطلاق هذه الدراسة التي جمعت ممثلي المرصد والمنظمة الدولية، تدارس المشاركون أهداف ومضامين والنتائج المنتظرة من هذه المبادرة التي تندرج في إطار الأولويات الاستراتيجية للتنمية في العالم القروي تطبيقا للتوجيهات الملكية السامية.
وقال الحسن المنصوري، الكاتب العام للمرصد في تصريح للصحافة إن الدراسة تروم تطوير الأدوات المناسبة من أجل مراقبة مستمرة وتقييم دوري لانعكاسات السياسات والبرامج العمومية في المناطق المحددة كنماذج، على تطور مسار الادماج والتنمية البشرية للفلاحة الصغرى العائلية، بغية ملاءمة المناهج وأدوات التحليل مع الدراسات اللاحقة حول الفضاءات الفلاحية الإيكولوجية بالمملكة.
وأوضح المنصوري أن نتائج الدراسة ستمكن من تأهيل المناهج واختيار المناطق التي ستكون فضاء مرجعيا وقاعدة للدراسات المستقبلية، الدورية والمقارنة، التي تهم تطور مستوى الادماج والتنمية البشرية للفلاحة الصغرى العائلية.
ومن جهته، أبرز ممثل الفاو في المغرب، مايكل جورج هاك أن الدراسة تنصب على تحليل السياسات والبرامج العمومية للنهوض بالفلاحة الصغرى العائلية في منطقتين نموذجيتين وعلى ثلاثة فضاءات فلاحية ايكولوجية (المصب الشمالي للأطلس المتوسط، والمصب الجنوبي والفضاء ما قبل الصحراوي في اقليمي أزيلال وورزازات).
وقال هاك إن المشروع سيمكن من تحديد خصائص وتوجهات الفلاحة الصغرى العائلية في كل فضاء فلاحي ايكولوجي، وكذا امكانيات تعزيز وتحسين هذا النشاط، مشيرا الى أن النتائج المنتظرة لهذا المشروع تروم على المدى البعيد منح القرويين الفقراء امكانية تحقيق الاستقلالية عبر تعزيز المنظمات والمؤسسات القروية وتطوير مقاربات لفائدة الفقراء في السياسات والبرامج التي تحسن ولوجهم للموارد الطبيعية وتدبيرها بطريقة مستدامة.
وذكر ممثل الفاو بأن المنظمة، ومن أجل تقليص الفقر القروي في بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا، أطلقت مبادرة جهوية من أجل النهوض بالفلاحة الصغرى في المنطقة. وقد تبنت هذه المبادرة مقاربة مندمجة تقوم على انعاش الشغل بالعالم القروي والنمو الاقتصادي المدمج للساكنة، والذي يستفيد منه صغار الفلاحين.
وأشار أيضا إلى العمل الطموح الذي تقوم به المنظمة بدعم من وزارة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، المتعلق بوضع قانون إطار بشأن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني من أجل تطوير واستغلال كل الإمكانيات التي يتيحها هذا النوع من الاقتصاد وكذا تلبية حاجيات السكان في وضعية هشة.
من جانبهما، قدم منسقا المشروع، حسن خرميش عن منظمة الامم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وعبد الله حرزني عن المرصد الوطني للتنمية البشرية عرضين بشأن “تقديم سياق إدراج الزراعة العائلية الصغرى في العالم القروي بالمغرب” و “أهداف وآفاق المشروع والتخطيط له”. وهكذا استعرضا أهداف هذه الدراسة، التي تتمثل مساهمتها، في أفق القيام بمتابعة طولية، في إرساء وضعية مرجعية لحالة الادماج وللتنمية البشرية للزراعة العائلية، وبالخصوص الزراعة الصغرى في تسعة فضاءات للفلاحة الإيكولوجية.
وتهدف هذه الدراسة أيضا إلى تقييم الوضع الحالي (2016) للإدماج والتنمية البشرية للزراعة العائلية خاصة الزراعة العائلية الصغرى، في بعض المناطق التجريبية في مختلف المجموعات الزراعية الإيكولوجية (3 مجموعات من أصل 9 الأكثر هشاشة، ويتعلق الأمر بالجبال شبه القاحلة والجبال الجافة والمناطق شبه الصحراوية).
وقال السيد خرميش “يتعلق الأمر بفهم خصائص واتجاهات تنمية المزارع العائلية الصغيرة في منطقة الدراسة وطرق تعزيز وتحسين التدخلات العمومية وتطوير أساليب وأدوات المراقبة والتقييم”، مسلطا الضوء على أهمية هذه الدراسة بشأن انحراف السياسات والبرامج العمومية التي همت مناطق الدراسة (المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومخطط المغرب الأخضر … ) وتقييم وتثمين الجهود التي تبذلها هذه السياسات والبرامج في الاستثمارات الزراعية من حيث درجة الادراج والتنمية البشرية.
وأشار المشاركون في الورشة إلى أن الزراعة العائلية تمثل 95 بالمائة من إجمالي الاستغلاليات الفلاحية بالبلاد (أي ما مجموعه 1 مليون و 500 ألف) 53 بالمئة منها للزراعة الصغرى، مشددا على ضرورة الدراية الواسعة بالزراعة العائلية، التي تحدد إلى حد كبير،خصائص أنظمة الإنتاج والهياكل ونمط دعم الاستغلاليات. وتشمل الزراعة العائلية جميع الأنشطة الزراعية التي تهم الأسرة والمتعلقة بمظاهر عديدة للتنمية القروية. وتسمح بتنظيم الإنتاج الزراعي والغابوي ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية أو الرعوية التي تقوم أساسا على اليد العاملة العائلية.
وتساهم عدة عوامل في تطوير هذا النوع من الزراعة على المستوى الوطني من قبيل الظروف الزراعية الايكولوجية والخصائص المحلية والسياسات البيئية والوصول إلى الأسواق والولوج إلى الأراضي والموارد الطبيعية .