يشكل الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف (17 يونيو) ، محطة سنوية لتسليط الضوء على الجهود الدولية المبذولة للحد من الاستغلال المفرط والاستخدام غير الملائم للأراضي ومنع تدهورها .
هذا الموعد يشكل مناسبة للتذكير بأن حيادية تدهور الأراضي يمكن تحقيقها من خلال انخراط مختلف الجهات المعنية ، وتعزيز التنسيق والتعاون على جميع المستويات ، وذلك قصد إيجاد حل للإشكاليات المطروحة وتحقيق الأهداف المرجوة .
ويركز اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف لهذه السنة على جهود تجديد خصوبة الأراضي المتدهورة ، لما لذلك من انعكاسات إيجابية خاصة في ما يتعلق بتعزيز المرونة الاقتصادية وخلق فرص الشغل ، وتحسين الدخل وزيادة الأمن الغذائي. وبحسب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر ، فإن الالتزامات الحالية، المقدمة من أكثر من 100 دولة، تستهدف استعادة ما يقرب من مليار هكتار من الأراضي خلال العقد المقبل (وهي مساحة تقارب حجم الصين) ، مسجلة أنه إذا نجحت البشرية في استعادة هذه الأرض، فيمكنها جلب فوائد هائلة للناس وللكرة الأرضية .
أما في ما يخص الصندوق الدولي للتنمية الزراعية فيعتبر أن الأسر والمجتمعات المحلية تفقد منازلها ومصادر رزقها، غالبا بسبب حالات الجفاف والفيضانات وحرائق الغابات ، مشيرا إلى أن هذه الآثار السلبية للظروف المناخية القاسية التي لا يمكن التنبؤ بها أصبحت الآن أكثر تواترا وشدة في أنحاء كثيرة من العالم. وسجل أن هناك أكثر من مليون نوع على وشك الانقراض في الوقت الراهن وذلك بسبب فقدان الموائل وتدهور الأراضي. كما تغيرت ثلاثة من كل أربعة هكتارات من الأراضي عن حالتها الطبيعية، فضلا عن أن إنتاجية حوالي واحد من كل أربعة هكتارات من الأراضي آخذة في الانخفاض.
وحذر من أن تدهور الأراضي الذي يعمل جنبا إلى جنب مع تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي قد يجبر ما يصل إلى 700 مليون شخص على الهجرة بحلول عام 2050.
ظاهرة التصحر بالمغرب
بالنسبة للمغرب، تؤثر ظاهرة التصحر على مساحات شاسعة، وتتزايد خطورتها في ظل المناخ الجاف الذي يتميز بدورات جفاف متكررة وطويلة، وتربة فقيرة قابلة بشدة للتعرية. ينضاف إلى ذلك الاستغلال المفرط الذي تتعرض له الموارد الطبيعية من طرف ساكنة العالم القروي لتلبية حاجياتها اليومية في ظل ما تعيشه من هشاشة، مما يزيد من تدهور الأوساط.
ووفق وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات – قطاع المياه والغابات ، فإنه أمام هذا الوضع وما يخل فه من تداعيات سوسيو-اقتصادي ة وبيئية، فإن المغرب ومنذ أمد بعيد بادر إلى القيام بمجهودات جبارة بغية عكس مسار هذه الظاهرة والتخفيف من حدتها، وتشمل على وجه الخصوص الإنجازات المادي ة المرتبطة بتوفير المياه، واستصلاح الأراضي الفلاحي ة، وتهيئة المراعي، والمحافظة على الموارد الغابوية وتنميتها.
وقد همت إنجازات قطاع المياه والغابات بشكل أساسي المحافظة على المياه والتربة، وذلك عبر مخططات التهيئة المندمجة للأحواض المائية، ومحاربة زحف الرمال عبر تثبيت الكثبان الرملية، وتحسين الحراجة الرعوية، ومكافحة الحرائق والقيام بعمليات التشجير.
واحتراما لالتزاماته وتعهداته تجاه المجتمع الدولي خاصة في ما يتعلق باتفاقية الأمم المتحدة حول محاربة التصحر المصادق عليها سنة 1996، فإن المغرب كان مدعوا لاعتماد برنامج عمل وطني لمكافحة التصحر (PAN-LCD) في يونيو 2001 من أجل تعزيز جهوده وتعبئة الموارد الضروري ة لمحاربة هذه الآفة.
ومن أجل تفعيل برنامج العمل الوطني لمحاربة التصحر، تم تنفيذ عدد من المشاريع المندمجة لتنمية المناطق الغابوية وتهيئة الأحواض المائية واستصلاح أراضي الزراعة البورية والمراعي.
ولمكافحة ظاهرة التصحر ، يتحتم على الدول اتخاذ سلسلة من الإجراءات والتدابير من قبيل سن القوانين التي تحمي الأرض من السلوكيات البشرية المسببة لهذه الظاهرة ، وتشجيع مشاريع الزراعة والتشجير ، ووضع حد لعمليات قطع الأشجار ، فضلا عن إيقاف الرعي الجائر.
كما يتعين تثبيت التربة وحمايتها من الانجراف من خلال تكثيف الغطاء النباتي وتنظيم حملات تحسيسية للسكان حول التصحر وطرق حماية التربة والتعامل مع الأراضي الزراعية والحفاظ على الموارد المائية .