تشكل الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية أول نظام عقاري في المغرب بمساحة تقدر ب 15 مليون هكتار، فيما يصل عدد الجماعات السلالية على المستوى الوطني إلى حوالي 4563 جماعة، وعدد أعضائها إلى حوالي 10 ملايين شخص.
تعتبر الأراضي السلالية رافعة استراتيجية لا محيد عنها للنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية، بالنظر لدورها في الترويج للعرض الاستثماري القادر على خلق الثروة وتوفير مناصب للشغل، ووعيا منه بأهمية الأراضي السلالية في تحقيق التنمية بالعالم القروي، ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس يؤكد على ضرورة العمل على رفع مختلف العراقيل التي تحول دون التعبئة الكاملة لهذه الأراضي، عن طريق إعادة النظر في إطارها القانوني والمؤسساتي، وتبسيط المساطر لتدبير أنجع لهذا الرصيد العقاري.
وقد شكل خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس في افتتاح البرلمان في 2018 ، وبمناسبة الذكرى ال 66 لثورة الملك والشعب، وكذا الرسالة الملكية السامية إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول ” السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ” في دجنبر 2015 بالصخيرات، نبراسا لصانعي القرار من أجل بلورة مقاربة متجددة تدمج الأراضي السلالية ضمن منظومة متكاملة لتحقيق التنمية الشاملة بالعالم القروي، وهو ما تجلى في استراتيجيتي المغرب الأخضر، والجيل الأخضر 2020 – 2030.
وأكد المهدي الريفي، المدير العام لوكالة التنمية الفلاحية، في هذا الصدد، أن استراتيجية الجيل الاخضر أعطت أهمية كبيرة للأراضي الجماعية، مبرزا أنه، وبتعليمات سامية من جلالة الملك، تمت تعبئة مليون هكتار من هذه الأراضي بغرض خلق فرص الشغل وتحسين أوضاع ذوي الحقوق وولوج الشباب القروي والخواص للاستثمار الفلاحي.
وأضاف أن استراتيجية الجيل الأخضر، التي جاءت لتعزيز مكتسبات المغرب الأخضر، تولي أهمية كذلك للعنصر البشري “، الذي يعد محورا أساسيا لخلق طبقة وسطى فلاحية، وجيل جديد من التنظيمات الفلاحية ومواصلة دينامية تطوير سلاسل الإنتاج الفلاحي وهيكلة الاسواق وذلك من أجل وضع أسس قوية لفلاحة مستدامة “.
ويضيف الريفي في هذا الإطار، جاءت هذه الاستراتيجية بمجموعة من العروض التحفيزية لصالح ذوي الحقوق والشباب بالعالم القروي الذين يرغبون في خلق مقاولات فلاحية من خلال تخصيص دعم مالي لهم، ومواكبتهم في مختلف مراحل المشروع عن طريق تقديم الاستشارة والتكوين، وأشار إلى تحفيزات أخرى تتعلق بتمكين الشباب وذوي الحقوق من الولوج لنظام الحماية الاجتماعية الخاص بالقطاع الفلاحي، والذي سيصدر نظامه القانوني في الأشهر القليلة القادمة، وكذا ولوج التأمين الفلاحي لمساعدة المستفيدين من تحسين مداخيلهم ووضعيتهم.
“كما ستتخذ وزارة الفلاحة، بتنسيق مع وزارة الداخلية، بصفتها الوصية الإدارية على الاراضي السلالية، تدابير أفقية تهم مشاريع مياه الري والتهيئة ” يقول السيد الريفي.
وبالموازاة مع هذه الجهود، شهدت الأراضي الجماعية تحيينا لنظامها القانوني، خاصة من خلال مصادقة البرلمان في يوليوز 2019 على القانون رقم 62.17 المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، والقانون رقم 63.17 المتعلق بالتحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية، وكذا القانون رقم 64.17 المتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري.
ومن أهم ما جاء به النظام القانوني الجديد للأراضي الجماعية تمكين المرأة بالانتفاع بأملاك الجماعة تحقيقا لمبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية، وكذا إمكانية تفويت الأراضي الجماعية للفاعلين الاقتصاديين الخواص.
واعتبر السيد الريفي، في هذا الصدد، أن تحيين الإطار القانوني المنظم للأراضي الجماعية “جاء مكملا لاستراتيجية المغرب الأخضر التي أولت للأراضي السلالية أهمية كبيرة “.
وأضاف أن هذا التكامل ” سيمكن المغرب من دخول مرحلة جديدة من الاستثمار في الأراضي الفلاحية وتجاوز عدد من المشاكل التي تعيق الاستغلال الأمثل للإمكانات التي تزخر بها الأراضي السلالية وكذا الإشكاليات المتعلقة بتحديد لوائح ذوي الحقوق “.
ويلقى الاهتمام المتزايد بالأراضي السلالية ترحيبا كبيرا من قبل ذوي الحقوق، الذين يؤكدون على أن الظروف أصبحت مواتية من أجل النهوض بالأراضي الجماعية وتحديث طرق استغلالها، على الرغم من بعض المشاكل التي لا زالت تعيشها هذه الاستغلاليات.
الأراضي السلالية ورش ملكي رائد من أجل واقع اقتصادي واجتماعي جديد بالعالم القروي
اترك تعليقا