برهنت مرة أخرى الفلاحة والسياحة على قوة جاذبيتيهما في سنة 2018 كنشاطين اقتصاديين لا محيد عنهما بجهة فاس-مكناس، ورافعتين أساسيتين للنهوض بديناميتها السوسيو-اقتصادية.
هذه الجهة تتوفر على كل مقومات ذلك، بدء بموقعها الاستراتيجي مرورا بمؤهلاتها الطبيعية وانتهاء بكنوزها الثقافية، لتكون جهة فاس-مكناس متكاملة حتى تكون وجهة سياحية بامتياز وذات آفاق فلاحية أيضا.
وتمتد هذه الجهة على مساحة تفوق 4 ملايين و427 ألف هكتار منها مليون و344 ألف و36 هكتار صالحة للفلاحة، وتنتشر هذه المساحة بسهل سايس ومقدمة الريف وسلسلة جبال الأطلس المتوسط في وسط طبيعي غني ومتنوع يساهم في التوجه الفلاحي للجهة والذي يجعل منها إطارا ملائما لجذب الاستثمارات.
في نفس السياق فقد أعطى “مخطط المغرب الأخضر” الذي أطلقته وزارة الفلاحة والصيد البحري سنة 2009 والمخصص لهيكلة وعصرنة القطاع الفلاحي، دفعة قوية لكافة السلاسل على مستوى جهة فاس-مكناس التي تمثل قرابة 40 في المائة من مجموع الإنتاج الفلاحي الوطني.
وأعطت جملة من الإجراءات فرصة لتكيف مع التغيرات المناخية وضمان تنمية فلاحية مستدامة، خاصة عبر اعتماد برنامج الاقتصاد في استهلاك مياه السقي المعدة لتحويل نحو 550 ألف هكتار من خلال تقنية الري بالتنقيط، حيث مكن هذا البرنامج من تجهيز 46 ألف و531 هكتار من المساحات الخضراء بالجهة من سنة 2008 إلى شتنبر 2018، أي بارتفاع نسبته 124 في المائة مقارنة مع الأهداف المسطرة.
ويعد معدل التساقطات المتراوح بين 500 ملم بسهل سايس و700 ملم بمقدمة الريف والأطلس المتوسط و200 ملم في مرتفعات ميسور، مؤشرات واعدة لتطوير مختلف السلاسل الفلاحية وإعطاء دينامية للاقتصاد الجهوي، لاسيما وأن سهل سايس يصنف كثاني منتج للحبوب على الصعيد الوطني.
ولعل تحقيق أداء جيد للقطاع الفلاحي على صعيد الجهة كان رهينا بسن سلسلة من المبادرات لفائدة الفلاحين، كالتأمين على المخاطر والمساعدات المخصصة لشراء الأسمدة واعتماد آلية التجميع كنموذج مبتكر لتنظيم الفلاحين حول الفاعلين الخواص والتنظيمات المهنية ذات القدرة الإدارية القوية. وهذه المؤهلات هي التي دفعت لتثبيت المعرض الدولي للفلاحة داخل هذه الجهة، والتأكيد على مستقبلها الفلاحي الواعد.
وتختزل هاتان الحاضرتان المصنفتان تراثا عالميا من طرف منظمة اليونسكو، مقومات سياحية لا تضاهى، فمدينة مكناس تملك تراثا تاريخيا ماديا ولا ماديا غنيا، وقاعدة للدولة في تاريخ المملكة، وثروة ثقافية متنوعة، وحضارة ألفية يعكسها تعدد المواقع الأثرية أشهرها موقع وليلي.
ومن مقومات مدينة فاس، محطة حرارية (حامة مولاي يعقوب)، وشبكة طرقية متطورة تربطها بمختلف مناطق المملكة، ومطار دولي، وثروة طبيعية تمنحها تنوعا متفردا، فضلا عن تراث أصيل وعريق تجسده المدينة العتيقة.
وحافظت المدينة على أسواقها التقليدية الرئيسية، حيث أن ليالي المبيت المسجلة في الوحدات السياحية المصنفة وغير المصنفة تعود لسياح من فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا والبلدان العربية وإسبانيا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا.