صبحت بندقية البارود أو ما يطلق عليها باسم (المكحلة) من مستلزمات الفروسية التقليدية (فن التبوريدة) الأساسية والضرورية، والتي تطورت صناعة وتزيينا وصلابة حيث يصل ثمنها إلى حدود 4 ملايين سنتيم، حسب جودة ونوعية المواد الفولاذية أو الخشبية للأجزاء المصنوع منها حسب الحرفي والصانع المتخصص في صناعة مكاحل التبوريدة المغربية.. ورغم أن طريقة الصنع تبقى هي نفسها على مستوى التقنيات، فإن البنادق التقليدية بالمغرب تتميز بخصوصيات جهوية. فمثلا في منطقة سوس ماسة درعة وجبال الأطلس الكبير الجنوبي تتميز المكحلة بالأخمص الدقيق والخفيف المنمق بزخارف من العاج أو العظام، وقد يصفح ظهر الأخمص في بعضها بصفائح فضية أو نحاسية، ويمكن أن يزين بقطع زجاجية مختلفة الألوان والأشكال وبأصداف وأحجار جميلة الشكل والهندسة، ويلتحم أنبوب البندقية بالسرير الخشبي عبر حلقات فضية نحاسية وفولاذية تتضاعف حسب قدرة الفارس المادية.
وبمنطقة تارودانت تصنع بنادق من نوع (أفضالي)، حيث تتميز بأخمص مدعم بصفحة معدنية مرصعة بقطع عارضات من عظام الجمال أو قطع من العاج.. وفي نفس المجال الجغرافي يتم صناعة المكحلة التي يطلق عليها اسم (تاوزيلت)، والتي تتميز كذلك بأخمص مغطى بصفائح فضية مزركشة بزخارف ونقوش ووفرة المسامير المزينة.. وبمجال وادي درعة وكذا بالأطلس الصغير، برع الحرفي المغربي بإتقان في صناعة بندقية “التيت” التي اشتهرت بأخمصها الدقيق والمقوس، وهي تتضمن أيضاً زخارف من عظام الجمل أو العاج أو نقوش على إطارات معدنية ثمينة.. أما في المنطقة الجغرافية لشمال الأطلسيين فمنتوج البنادق (التطواينة مثلا) مختلفة من حيث الشكل بأخمصها العريض وتقوسات متماثلة ما يمنحها شكلاً هندسيا مثلثا، مع الإشارة إلى أن سمك الخشب المستعمل من طرف حرفيي المنطقة الشمالية ومنطقة الريف على الخصوص يضمن لهذا النوع صلابته ويمكن من تزيينه في العمق فنيا وتشكيليا بحكم احتكاك الصانع المغربي باليهود المرحلين من الأندلس والذين فضلوا الألوان الداكنة مستعملين بالخصوص خشب الجوز وعملوا على تزيين الأخمص بشكل دقيق وبفتائل فضية.
إذا فالبندقية جزء لا يتجزء من فن التبوريدة ولا يمكننا الحذيث عن التبوريدة بدون بنادق وبدون بارود ،فقبل الطلقة الاخيرة من طرف الفرسان تمر عملية ملئ البنادق بعدة مراحل سنتعرف عليها في هذا الشريط .
مراحل ملأ بنادق البارود”المكحلة”وأهم خصوصيتها الجهوية
اترك تعليقا