تشهد مسابقات التبوريدة إقبالا كبيرا من طرف الجمهور المغربي، نظرا لما يحمله هذا الفن من عمق تاريخي وثقافي محفور في الذاكرة الشعبية للمغاربة، وغرار جميع المسابقات التي تنظم على الصعيد الوطني، عرقت مباريات بين الجهات لتبوريدة التي نظمت بمدينة مكناس يومي 31 مارس و1ابريل الجاري، حضورا جماهيريا كبيرا، حيث تفاعل مع اللوحات الفلكلورية التي رسمتها “السربات” فوق “المحرك”بعروض التبوريدة جمعت بين جمالية وقوة الخيول المغربية وأصالة الصناعة التقليدية التي بصمت كل مكونات الفروسية التقليدية من “سروج وألبسة وبنادق وسيوف وخيام”، حولت فضاء التبوريدة إلى موقع سياحي أصيل يغري بالمشاهدة والاعتزاز بمورث ثقافتنا الشعبية.
إن التبوريدة لعبة بالفعل، لكنها لعبة تؤخذ على مأخذ الجد نظرا لارتباطها بهيبة وكبرياء وعزة نفس القبيلة المشاركة. أما تقييم أداء كل سربة، فيحدده التحكم الفردي الجواد والانسجام الجماعي، إضافة لأناقة ملبس الفرسان وجودة عدة الدواب. وبالفعل، فالمضمون والشكل متكاملان لأن المظهر المليح يضفي على التبوريدة مسحة رشاقة إضافية ويضاعف جاذبيتها. لذا، وباستثناء زرقة جلابيب الفرق الصحراوية، يظل البياض الناصع سيد «المحرك»: بياض الجوخ الذي يكسو الفارس، وبياض سرواله الفضفاض، وعمامته التي تتغير طريقة لفها حسب القبائل وقميصه ذي الياقة المتصلبة (التشامير)، بالإضافة أحيانا لبياض «البلغة» المرتفعة التصميم. ويضع كل فارس حزاما سميكا وغمدا مخمليا بداخله خنجر معقوف (الكمية)، ويتوشح بجراب جلدي بداخله آيات قرآنية، كما يحمل بندقية تقليدية طويلة (مكحلة) ذات أستون مزين بدوائر فضية وعقب منقوش ومرصع بالعاج والصدف.