ترتفع اسهم البيصر في بورصة المستهلك عند دخول فصل الشتاء ومع برودة الجو، فالبيصراو “البيصرة” تحيل كلها على وجبة شعبية عرف بها الشمال المغربي وخاصة ما يعرف ب”جبالة” تلك المنطقة التي يختلف في تحديدها الجغرافيون الا انه يمكن القول ان التسمية ظهرت مع بداية القرن 17 الميلادي ويقصد حاليا بها تلك المناطق الجبلية الممتدة من تازة مرورا بتاونات ووزان الى العرائش وطنجة وتطوان والشاون وما بينها من القبائل . ونقلا عن اختصاصي في الغذية الدكتور محمدالفايذ فقد كان الفول ينوب عن اللحوم في العصور القديمة لكونه يحتوي على نسبة عالية من البروتينات ويمتاز بكونه غنيا بالأملاح المعدنية مثل البوتاسيوم والفوسفور والمغنيزيوم والنحاس والفيتامينات.
وتحضر البيصر من الفول الجاف “المشرد”. وتستهلك خلال كل الفصول لكن الاقبال عليها يتزيايد خلال فصل الشتاء .و قد انتقلت وجبة البيصر لباقي المناطق المغربية نظرا لمنافعها وثمنها المناسب ومقاومتها للتعفنات عكس مختلف الوجبات.
وتعتبرالبيصر من اروع الوجبات التي اخترعها الانسان المغربي ودعا لمبتكرها بالرحمة لأنه اعتق الناس من الجوع والبرد . كما ان المرضى بداء السل كانت البيصر غذائهم اليومي في المستشفى لأنها تساعد خلايا الرئة على التجدد . وهناك من يقول بانها تسبب التخلف العقلي ويوصي الصبيان والتلاميذ بالابتعاد عنها حفاظا على ذكائهم . اما طب التغذية الحديث فيعتبر القطاني ومنها الفول مصدرا اساسيا للبروتينات النباتية ولا غنى عنها وهي افضل من البروتينات الحيوانية لان الحيوانات تتغذى بمواد مصنعة اضافة الى مواد كيميائية تزيد في وزنها . بينما اغلب القطاني لا تحتاج للأسمدة .
مراحل طهي البيصر هي وضع الفول “المشرد” في ماء لا مغلى ولا بارد ويستحسن ان يكون الوعاء من طين وتبقى على النار بدون تحريكها الى ان تصبح “طايبة” لان تحريكها سيجعلها لا تتحلل . ثم تزال “رغوتها” تدريجيا لان هذه الرغوة مضرة بالصحة ولو كان فيها خير لما لفظتها القدر الى الاعلى .
كما ان ازالة الرغوة يضفي على البيصر مذاقا حلوا ولونا فاقعا اما ابقاء الرغوة فيضفي عليها لونا قاتما وطعما مرا . ويستحسن اضافة الكمون والتوابل الاخرى قبل انزال القدر او بعدها .وينصح بانزال القدر بعد ان تصبح البيصر لزجة تنطلق منها خيوط عندما نرفع” بالمغرف” جزءامنها و نتركه يسيل على القدر فتنساب البيصر انسياب عسل النحل المصفى .ويضيف اليها البعض اثناء الطبخ اللفت والقرنبيط والثوم اما اثناء تناولها فهناك من يفظل الفلفل الاخضر او “الشاونية” المعروفة بحرارتها التي تطرد الديدان من الامعاء. والبعض يرفقها بالبصل الذي يحتوي على مواد تحفظ من السكتات الدماغية بفظل العديد من المواد والزيوت الطيارة و الفيتامينات المتنوعة كلها تجعل من البصل مطهرا من الجراثيم ومحاربا للتعفنات والالتهابات .
كما ان البصل معروف منذ القديم بالزيادة في الباه لدى الرجل . ويقول العارفون بان تناول الخضر بكثرة يؤدي الى ” الهيف” يعنى ان الانسان يحس دائما بالجوع ولذا وجب تناول القطاني مرات عدة خلال الاسبوع.